مخاطر النفايات الفضائية بقلم د. عماد الدين عدلي

أربعاء, 06/09/2021 - 00:24

مع أزمة الصاروخ الصيني الذي يدور الآن في الفضاء والذي تزداد سرعته الجنونية كلما اقترب من مدار الأرض إحتبست أنفاس العالم وقضت مضاجع الوكالات والمؤسسات الفضائية وثارت التوقعات بحدوث كارثة كبيرة إذا ماسقطت الأجزاء المتبقية منه على منطقة مأهولة بالسكان

وفى حقيقة الأمر فإن ذلك يفتح الباب للحديث عن واحدة من المشكلات البيئية الحرجة المتعلقة بالنفايات الفضائية space debris أى تلك المخلفات أو الخردة الناجمة عن اصطدام هذه الجزيئات من حطام بعض هذه الأقمار الصناعية أو المحطات الفضائية ببعضها البعض وانشطارها إلى عدد كبير من الجسيمات.. أن الكثير من هذه النفايات أو الخردة توجد في المدار الأرضي المنخفض على مسافة 2000 كيلو متر أي بما يعادل 1200 ميل من سطح الأرض والتي تقدر بحوالى 200 ألف قطعة يتراوح طولها ما بين 1 سنتيمتر إلى 10 سنتيمتر.. ناهيك عن وجود الملايين من القطع التي يقل حجمها عن 1سنتيمتر ويتوقف سقوطها على الأرض على طولها فالقطع التي توجد على ارتفاع أقل من 600 كيلو متر من مدار الأرض قد تستغرق عدة سنوات قبل الدخول إلى الغلاف الجوي للأرض.. أم تلك القطع التي تقع على ارتفاع ألف كيلو متر من مدار الأرض فإن سقوطها يستغرق عدة قرون وذلك نتيجة سرعتها العالية high speed التي تزيد عن 8 كيلو متر في الثانية.. وبفعل هذه السرعة عند ذلك الارتفاع فإن القطع الموجود في مدار الأرض بالتالي سوف تنشطر إلى جزيئات وقطع أصغر يمكن أن تسبب ضرر كبير عند إصطدامها بالأقمار الصناعية والمحطات الفضائية.. ووفقاً لوكالة ناسا تعرف النفايات الفضائية على إنها كل جسم سواء كان من أصل طبيعي أو صناعي أي من صنع الإنسان يوجد في مدار كوكب الأرض تالف ولم يعد له أية منفعة أو القيام بوظيفة معينة.. ومن ثم فإن بقائه في الفضاء يمثل تهديداً كارثياً فيما يتعلق بعمليات استكشاف الفضاء والذي تثور معه المخاوف من احتمالية اصطدامه بالأقمار الصناعية الموجودة بالفضاء وإتلافها.. تقع معظم هذه النفايات الفضائية في ما يعرف بالمدار الأرضي المنخفض low earth orbit وهى تلك المنطقة التي تقع على بعد 2011 كيلو متر من سطح الأرض والتي تعمل فيها العديد من الأقمار الصناعية مثل محطة الفضاء الدولية ونظام المراقبة التابع لوكالة ناسا.. ويؤكد العلماء على أن عمليات الإطلاق التي يزيد عددها عن 4700 عملية منذ إطلاق «سبوتنيك « 1 فى عام 1957 قد أسفرت عما يزيد عن 700 طن متري من النفايات وليس هناك مؤشر على تراجعها بل هى فى حالة تزايد مستمر.. كما لايقتصر الأمر على تلك المخاطر الكارثية نتيجة إصطدام هذه الجزيئات من النفايات بالمحطات  الفضائية وإتلافها ولكن أيضاً مايمكن أن يترتب عليها من أثار بيئية سلبية إذ أنه يمكن للأجزاء الكبيرة من الحطام أن تؤثر على البيئة والموضع الذي تسقط فيه على نحو كارثي.. من الأمثلة على ذلك هو تلك الأثار الكارثية التى ترتبت على إطلاق «صواريخ بروتون الروسية « من قاعدة بايكونرد الفضائية في كازخستان مما أسفر عن تناثر أجزاء كبيرة من حطامها.. وقد تمثلت هذه النفايات في خزانات الوقود التي تحتوي على بقايا من الوقود شديد السمية ومواد مسرطنة ضارة بالنباتات والحيوانات والتي يصعب فى الكثير من الأحيان تدارك تداعياتها.. لذلك سعت كافة الجهود الدولية للتوصل لطريقة للحد من عمليات الحطام المداري والتوصل إلى الكيفية التي من خلالها يمكن التخلص الآمن من هذه الأجهزة والمعدات الفضائية بعد قيامها بمهمتها.. وقد حذر رئيس مكتب الحطام الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية من استخدام الأبراج الضخمة التي تتمثل فى مجموعات ضخمة من الأقمار الصناعية التي ترسل إلى المدار الأرضي المنخفض وعزوف الشركات التابعة لها عن الإنفاق على إزالتها والتخلص منها نظراً للتكلفة العالية.. وقد دفع ذلك بعض الاقتصاديين من «جامعة كولورادو » إلى التقدم بمقترح فرض رسوم سنوية تصاعدية تزيد بنسبة % 14 سنوياً على كل قمر صناعى يتم وضعه فى مدار الأرض كوسيلة للحد من تراكم هذه النفايات وما يترتب عليها من مخاطر كارثية.. من المقترحات الأخرى للحد من مخاطر هذه النفايات الفضائية هي استخدام تقنية الليزر لإزالة القطع الكبيرة من الحطام والعمل فى الوقت نفسه على تطوير أقمار صناعية ذاتية القدرة للتخلص من نفسها أو استخدام طلاء “الرغوة البوليمرية “ التي تمكنها من الهبوط إلى الغلاف الجوى وإحتراقها

التصنيف: 

الأخبار

الصفحات