برنامج الحكومة

خميس, 09/05/2019 - 20:59

استعرض الوزير الأول السيد اسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا، أمام الجمعية الوطنية برنامج عمل الحكومة،وذلك خلال جلسة علنية عقدتها الجمعية زوال اليوم الخميس برئاسة السيد الشيخ ولد بايه، رئيس الجمعية الوطنية، وبحضور أعضاء الحكومة. وفي ما يلي النص الكامل لبيان السياسة العامة للحكومة: "بسم الله الرحمن الرحيم،وصلى الله على نبيه الكريم السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب يشرفني، عملا بمقتضيات المادة 42(جديدة) من الدستور، أن أستعرض أمام جمعيتكم الموقرة برنامج الحكومة. كما يشرفني أن يتزامن مثولي اليوم أمام مؤسستكم العتيدة بغية استيفاء هذا المقتضى الدستوري مع بزوغ شمس عهدة رئاسية جديدة كرست التناوب الديمقراطي السلمي على السلطة في وطننا الغالي. ولا شك في أنه لكل موريتاني الحق في أن يفخر بالمسلسل الديمقراطي الأخير الذي طبعه الهدوء والسكينة والمسؤولية.  وأغتنم بادئ ذي بدء هذه الفرصة لأتعهد أمامجمعكم الموقر بصفتكم منتخبين مكلفين من طرف الشعب الموريتاني بالرقابة على العمل الحكومي، ضمن مسؤوليات أخرى جسيمة، بأن الحكومة ستصدق هذا الشعب القول، وسترعى الأمانة، وستفي بالعهد، وأنها ستتحلى بالشفافية، والنزاهة، والجدية، والمسؤولية، وستعزز الاحترام المتبادل والأخلاق الفاضلة، وستستجيب لكل نقد بناء. فالغاية الكبرى هي مصلحة موريتانيا، ومصلحة شعبهاالأبي. كما أؤكد لجمعكم الموقر أن الحكومة لن تدخر جهدا في سبيل أن تكون عند حسن ظن المواطنين وعلى مستوى تطلعاتهم، بإذن الله تعالى، وأنها تدرك كل الإدراك الأمل الكبير الذي لديهم، والثقة التي منحوها لفخامة رئيس الجمهورية، واستبشارهم بعهده. ومن نافلة القول أن جهود الحكومة ستنصب في المقام الأول على تجسيد المشروع السياسي الذي نال على أساسه رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ثقة المواطنين في الاستحقاقات الرئاسية الأخيرة. وكما هو معلوم، فإن رئيس الجمهورية نفسه قد بين الملامح الكبرى لهذا المشروع في وثيقة تعهداته إذ وصفه بأنه "مشروع مجتمع تتعزز فيه القواعد الراسخة لبناء دولة حديثة تحتل المكانة اللائقة بها بين الأمم، مع الاحتفاظ لمجتمعنا بفيض روحاني متجذر في منظومة قيمنا الإسلامية، باعتبارها الأساسَ المكين لوحدتنا ولُحمتنا الاجتماعية.[..] مشروع دولة تعتبر فيها العدالة والمساواة والإخاء والمواطنة مرتكزات وقيما تأسيسية لا مجرد مفاهيم نظرية. دولة يكون فيها التعليم، والصحة، والنفاذ إلى الخدمات الأساسية، والابتكار، والاستثمار في المعرفة، أدوات لتغيير مصير الأفراد والجماعات".نهاية الاقتباس. وعليه، فإن البرنامج الذي ستعمل الحكومة جاهدة على جعلهواقعا ملموسا إن شاء الله، سيعكس الأولويات التي حددها رئيس الجمهورية في تعهداته، والتي تندرج تحت أربعة محاور كبرى، هي: 1ـ تقوية الدولة وعصرنتها من أجل خدمة المواطن، 2ـ تطوير الاقتصاد وتنويعه من أجل نهضة البلاد، 3ـ تعزيز تصالح المجتمع مع ذاته من أجل إشراك الجميع، 4ـ تثمين رأس المال البشري من أجل تحقيق التنمية المنسجمة. هذا،وسيرتكزتنفيذبرنامجناعلىمنهجيةقوامها: - رؤيةعامة متناسقةومتكاملة؛ - رؤية طموحة،وواقعية في الوقت نفسه؛ - توجيه العمل لتحقيق أهداف محددة؛ - منح المسؤولية،لكن مع المراقبةالدقيقة؛ - تعبئةالموارد؛ - تعاون وشراكةلإرباح جميع الأطراف. السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب لقد أعلن رئيس الجمهورية مرارا أن بلادنا لا تستغني عن أي قوة من قواها الحية. ولذا، فإن الحكومة ستعمل على إشاعة مناخ سياسي هادئ من خلال فتح الباب بصفة دائمة للتشاور بين مختلف الأطراف المعنية حول السياسات العمومية المتبعة. وفي هذا الإطار، سيصبح التشاور حول كل القضايا الوطنية الكبرى سنة متبعة مع مختلف الأطراف السياسية والجمعوية.  ومن جهة أخرى، ستوفر الحكومة للمؤسسات الدستورية كافة متطلبات الرفع من أدائها من مقرات مناسبة وتجهيزات وطواقم بشرية وإصلاحات. كما ستقوم بإعادة تنظيم محكمة الحسابات وتعزيز مهنية أعضائها حتى تكون عونا للبرلمان في مراقبة ترشيد التسيير وشفافيته. ومراعاة لأهمية العدالة وكونها أساسا للحكم، فإن الحكومة ستعمل على تحسين الظروف المادية والمعنوية للقضاة وأعوان القضاء، وستعمل كذلك على تعزيز قدرات مختلف العاملين في هذا المرفق الحيوي من خلال تنفيذ برامج تكوينية وتدريبية متخصصة تمكنهم من اكتساب المهارات والكفاءات الضرورية. وستسهر على احترام المساطر في الاكتتاب والتكوين والترقية، وستقوم بتزويد القطاع بآليات التسيير العصري التي من شأنها أن تحسن جودة الخدمة وتقرب المرفق من المواطنين. ولهذا الغرض، ستبدأ مراجعة التنظيم القضائي والمساعدة القضائية. وسيوضع نظام جديد لإدارة السجون يتضمن إعداد المراسيم المنشئة للمؤسسة الوطنية للتأهيل وفروعها في الداخل، وتلك المتعلقة بسلك حراس مؤسسات التأهيل، وسيتم اكتتاب أعضاء هذه الأسلاك وتكوينهم. كما سيتم وضع وتنفيذ خطةلبناء وصيانة مقرات المحاكم على عموم التراب الوطني. وستفعل المفتشية العامة لإدارة القضاء والسجون لتتمكن من تأدية مهامها بشكل دائم ومهني. وفي مجال الشؤون الإسلامية، سيتم التركيز على خدمة كتاب الله تحفيظا ونشرا وتوزيعا، وعلى ترسيخ قيم الحنيفية السمحة وتوظيفها في تقوية اللحمة الوطنية والتماسك الاجتماعي، فضلا عن تثمين الحوار كأداة لتفكيك خطاب التطرف. وستعطي الحكومة عناية خاصة لتعزيز إشعاع بلادنا الثقافي والحضاري عبر تطوير إذاعة القرآن الكريم وقناة المحظرة، وتوسيع شبكة المراكز الثقافية الموريتانية في شبه المنطقة. وفي الوقت نفسه، سيتم العمل على تحسين ظروف ممارسة العبادات عن طريق تشييد المساجد وإعادة تأهيلها والبحث عن حلول مستدامة للمشاكل المرتبطة باستقبال الحجاج في الديار المقدسة، فضلا عن تنشيط مؤسسة الأوقاف وتوسيع برامجها الاجتماعية وتأطير المبادرات العاملة في مجال العمل الخيري الإسلامي. السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب، في مجال الدفاع والأمن، ستسعى الحكومة إلى تجسيد الأولوية التي يمنحها رئيس الجمهوريةلسلامة حوزتنا الترابية، وحماية مواطنينا، ومكافحة الإرهاب بجميع أشكاله. وفي هذا الإطار، سيتم التركيز على تعزيز المكتسبات الثمينة التي تحققت في السنوات الأخيرة على صعيد تحديث مختلف مكونات قواتنا المسلحة التي تؤهلها تضحياتها الجسام في خدمة الوطن لأن تكون مفخرة لكل الموريتانيين. وستواصل الحكومة مد هذه القوات بكل متطلبات تحسين الكفاءة المهنية لأفرادها ورفع جاهزيتها لتتمكن من الاضطلاع بمهامها التقليدية على الوجه الأكمل فضلا عن المساهمة الفعالة في تنفيذ السياسات الإنمائية للبلاد. وستنصب جهود الحكومة على ضمان أمن المواطنين في أنفسهم وأموالهم على امتداد التراب الوطني، عبر توفير الوسائل البشرية والمادية المناسبة لمختلف الأسلاك الأمنية وتقريب خدماتها من المستفيدين وتكييف مهامها وأساليب عملها مع أرقى المعايير الفنية والقانونية للإدارة المرتكزة على النتائج. وفي هذا الإطار، سيتم إعطاء عناية خاصة لتعزيز منظومة مكافحة الجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات، وسائر الأنشطة الإجرامية والمحظورة، مع تدريب فرق مختصة في هذا الشأنوتأهيلها وتجهيزها ونشرها في المراكز الحضرية الرئيسية. وستعزز الحكومة الوسائل البشرية والمادية للحماية المدنية لجعلها قادرة على الاضطلاع بمهمتها الحيوية ضمن سياق يتميز بظهور مخاطر جديدة مرتبطة بحركة التحضر المتسارعة وبالتنمية الصناعية وبالتغيرات المناخية في بلادنا. وفي باب الهجرة غير الشرعية، ستواصل الحكومة سياسة مراقبة الوافدين عبر التحكم في منافذ العبور، والصرامة في فرض بطاقات إقامة للأجانب المقيمين على أرضنا، فضلا عن توفير الوسائل البشرية والمادية للأسلاك المسؤولة عن مكافحة الهجرة السرية، وتعزيز قدرات فرق التدخل السريع، وتطويرالتعاون مع دول الجوار. وبالنظر إلى ارتباط الإرهاب والتطرف نشأة وازدهارا بوجود بيئة يسودها الجهل والبطالة والفقر، فستعمل الحكومة على تفعيل مقاربة متعددة الأبعاد تتكامل في إطارها المواجهة العسكرية – الأمنية مع المواجهة الفكرية والاقتصادية والاجتماعية بما يحصن شبابنا ضد مخاطر هذه الظاهرة الهدامة والعابرة للحدود. السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب  في المجال الدبلوماسي، ستعكف الحكومة على ترجمة خيارات رئيس الجمهورية القاضية بتطوير دبلوماسية ديناميكية وفاعلة، تكرس تقاليد بلادنا في مجال السعي الدؤوب من أجل الحفاظ على السلم والأمن من خلال تشجيع التوافق والتفاهم، فضلا عن تشبثها بنصرة القضايا العادلة وبالتضامن مع المنظومة العربية الإفريقية التي ما فتئت تعتبر عضوا فاعلا فيها. وستركز الحكومة على توفير متطلبات تعزيز وجودنا ونشاطنا على مستوى المنظمات الدولية، وعلى إعادة تنشيط المنظمات الإقليمية وشبه الإقليمية؛ وعلى مواصلة اضطلاع بلادنا بدور رائد ضمن مجموعة دول الساحل، والاتحاد المغاربي، ومنظمة استثمار نهر السنغال، ولجنة مكافحة آثار الجفاف في الساحل، مع العمل على تحقيق الأهداف المرسومة في أجندة إصلاحات الاتحاد الإفريقي. وفي الوقت نفسه، ستسعى الحكومة إلى تحويل دبلوماسيتنا من مجرد دبلوماسية تمثيلية يغلب عليها البعد السياسي إلى دبلوماسية ذات مردودية اقتصادية ورمزية، من خلال تحسين استغلال كافة الفرص المتاحة في مجالي التعاون الثنائي والتعاون المتعدِّد الأطراف وتوظيف الدبلوماسية الثقافية. ولهذا الغرض، سيتم تزويد ممثلياتنا الدبلوماسية بالوسائل البشرية والمادية المناسبة للتعريف بالبلاد وبإمكاناتهاوبما تتيحه من فرص لجذب المستثمرين.كما سيتم استثمار رصيدنا المعرفي وإشعاعنا الحضاري لعكس صورة بلادنا في أبهى تجلياتها ونشر ثقافتنا الغنية بقيم التسامح والانفتاح والتضامن والتكافل ونبذ مختلف أشكال العنف والتطرف. وسنولي عناية خاصة لجالياتنا في الخارج تتناسب مع أهميتها ومع تطلعاتها، وسنعمل على إتاحة الفرصة لها للاضطلاع بكامل دورها في خدمة الوطن سواء في الخارج أو في الداخل من خلال المشاركة في جهود التنمية.  السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب  إن الحكومة تضع في صدارة أولوياتها، ضرورة خلق إدارة عمومية فعالة وتسخيرها لخدمة المواطن الموريتاني أيا كان وحيثما كان. ولهذا الغرض، سيتم تنفيذ مجموعة من الإجراءات الكفيلة بتنشيط كافة أجهزة الإدارة العمومية لتتمكن من القيام بمهامها على الوجه المطلوب. وتتضمن هذه الإجراءات كما جاء في برنامج رئيس الجمهورية "تحسين الإطار المؤسسي والتنظيمي للإدارات من خلال إعادة تحديد مهام الدولة، وتكييف الهياكل والإجراءات، وتبسيط المساطر والشكليات، وتحسين الأداء".نهاية الاقتباس. وستساعد هذه الإصلاحات على تنفيذ القانون النظامي المتعلق بقوانين المالية الذي يعتبر أساسيا في عملية إعادة تنظيم الدولة وترشيد مواردها،وذلك من خلال توفير مؤشرات تظهر مستوى ما تحقق من نتائج ملموسة لصالح المواطنين المستفيدين من السياسات العمومية. ولهذا الغرض، ستقوم الحكومة بنشر واستخدام التقنيات والآليات الحديثة للتسيير مثل التفويض وخطاب التكليف وتحديد المأموريات وإجراء تقييمات بغية تعزيز روح المسؤولية لدى موظفي الدولة ووكلائها. كما ستعيد العمل بممارسات حسنة تتعلق بالتشاور وتقاسم المعلومات داخل مختلف مستويات الإدارة من خلال تنظيم ملتقيات حكومية، وعقد مؤتمرات الأمناء العامين بشكل منتظم، واجتماعات الدواوين ومجالس الإدارات المركزية في الوزارات مع إلزامية إعداد محاضر الاجتماعات ومتابعة جادة لتنفيذ القرارات المتخذة. وستركز الحكومة على إطلاق مسارات عدة في إداراتنا العمومية. فعلى مستوى إصلاح الوظيفة العمومية، ستسعى الحكومة إلى تحسين الإطار المؤسسي من خلال وضع منظومة للقيادة والتنفيذ والمتابعة، مع تعزيز السلطة الهرمية، ومراعاة تقييم الوكلاء من قبل قادتهم المباشرين ضمن تسيير المسارات الرئيسية لحياتهم المهنية، وتفعيل نظم التوشيح، وتسيير الاستحقاق والامتنان الوطنيين بصفة منصفة للمساهمة في إعادة الاعتبار للموظفين ووكلاء الدولة بصفة خاصة، وإلى مفاهيم المهنية والجودة والمهارة والابتكار بصفة عامة. وسيكتمل النظام المندمج لتسيير عمال الدولة من أجل تحكم أفضل في أعداد وكلاء الدولة. وستتم مراجعة نظاميْ التقاعد والمعاشات بما يضمن الاستغلال المعقلن للموارد البشرية ومراعاة تطور مستوى المعيشة، والحاجة إلى الاستفادة من الخبرة، ومن مهارات الوكلاء العموميين، مع ضمان تجدد الأجيال حسب شروط موحدة.  كما ستحدد الحكومة معايير الفصل بين الوظائف السياسيةووظائف التأطير الإداري طبقا لقانون الوظيفة العمومية، مع السهر على تطبيق هذه المعايير بما يضمن احترام مبدإ تحييد الإدارة وحصر دورها في أداء المهام الموكلة إليها بمهنية لخدمة الجميع وترك ممارسة العمل السياسي للأحزاب السياسية. وستعتمد الحكومة أفضل الطرق لاستغلال إمكانية التعاقد التي توفرها النصوص لسد حاجات الإدارة من ذوي الخبرة والكفاءة، وتسوية وضعية بعض العمال غير الدائمين، مع مراجعة تنظيم اللجنة الوطنية للمسابقات لتعزيز استقلالها ووسائلها البشرية والمادية ضمانا لتطبيق مبدإ مساواة الجميع أمام ولوج المناصب العمومية. وستتم مراجعة نظام أجور الموظفين ووكلاء الدولة لجعله أكثر تحفيزاً وقدرة على المنافسة، وذلك بغية اجتذاب المهارات اللازمة لتنفيذ السياسات العمومية والمحافظة عليها. وستحدد وتطبق المعايير المتعلقة بالجمع بين الوظائف (العامة/ الخاصة) لاسيما في قطاعيْ الصحة والتعليم. وستباشر الحكومة وضع الآليات الكفيلة بتعزيز قدرات الوزارات على تخطيط وتنفيذ وتقييم السياسات المتعلقةبمؤهلات الموظفين، كما سيعاد تنظيم مؤسسات تكوين الموظفين على أسس تمكنها من أن تكون رافدا ناجعا لتوفير موارد بشرية عالية الجودة. وعلى مستوى عصرنة الإدارة، ستنفذ الاستراتيجية المعتمدة لتطوير التقنيات الرقمية، والرفع من مستوى النفاذ إلى الخدمات العمومية الجيدة من خلال برنامج طموح للحكامةالإلكترونية تتولى الإشراف على إنجازه وكالة وطنية لمعلوماتية الدولة سيتم إنشاؤها. وسيراجع النظام التشريعي والتنظيمي المتعلق بالمؤسسات العمومية، بحيث تتم مراعاة إنشاء الوكالات، والسلطات الإدارية المستقلة التي تتدخل بوصفها فروعا جديدة للدولة. وسيكون إحياء الحوار الاجتماعي بين الشركاء فرصة لإنشاء فضاء دائم للتشاور حول السياسات المتعلقة بالموارد البشرية للدولة. وفي مجال اللامركزية، سيتعزز وجود الدولة على كامل التراب الوطني لمواكبة التحولات المنتظرة جراء تفعيل الخيارات المعتمدة في هذا المجال، وذلك من خلال إعادة تنظيم المصالح الخارجية للإدارة المركزية للدولة بشكل أفضل بغية تكييفها مع المستجدات الناتجة عن سياسة التنمية المحلية –الجهة والبلدية. وستنشأ مراكز جهوية للإدارة العمومية لتساهم في توفير الموارد البشرية للمصالح الجهوية من ناحية، وفي تشكيل نواة للخبرة الوطنية من ناحية أخرى. وستباشر الحكومة التنفيذ الفعلي للتدابير المتعلقة بنقل الصلاحيات والموارد المالية إلى السلطات المحلية والإقليمية (الجهات والبلديات) في أسرع وقت ممكن لتتمكن هذه السلطات من وضع خططها التنموية،وتنفيذها. كما ستتخذ الإجراءات اللازمة بالتعاون الفعال بين مختلف السلطات المختصة من أجل تطبيق النصوص المعمول بها في كافة المجالات، وخاصة تلك المتعلقة بالحياة اليومية وبشروط تقديم الخدمات العمومية وتسيير المدينة.  وفي نفس السياق، تلتزم الحكومة أن تتخذ الحكومة، دون تأخير، التدابير الضرورية لضمان تذليل الصعوبات الفنية أمام حصول جميع الموريتانيين، على أوراق الحالة المدنية.  وستكمل آليات اللامركزية بتوفير الإطار المناسب لتعبئة الموارد البشرية المحلية وذلك بوضع قانون خاص بالوظيفة العمومية المحلية، وبإنشاء مركز وطني لتكوين عمال الجماعات المحلية. السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب  ستكرس الحكومة جهودها لتعزيز مكافحة الرشوة وسوء التسيير من خلال نشر وتعميم مدونة أخلاق المهنة، وإعادة تنظيم وتفعيل هيئات الرقابة، ومحاسبة المرتشين والراشين، ومن خلال السعي الدؤوب لإرساء مقاربة التسيير عبر القدوة الحسنة كمبدإ أساسي وكممارسة يومية. وسيتم، في هذا الإطار، إنشاء جائزة للنزاهة والابتكار. وستخضع المنظومة القانونية المتعلقة بالتسيير العمومي للمراجعة والتحيين، وخاصة منها ما يتصل بالصفقات العمومية، وبالشفافية المالية للحياة العامة،وبتمويل الحملات الانتخابية والأحزاب السياسية ووسائل الإعلام. وستولي الحكومة أهمية خاصة لتشجيع بروز صحافة وطنية متخصصة ومهنية قادرة على الاضطلاع بدورها على نحو مسؤول وفعال. ولهذا الغرض، سيتم رفع الغلاف المرصود لصندوق دعم الصحافة بشكل معتبر، كما سيتم استكمال الإطار القانوني لحقل الإعلام والاتصال بغية تمكين المهنيين من تحسين أدائهم مع احترام تام لأخلاقيات المهنة. وفي ذات المنحى، ستركز الحكومة على استكمال مشروع القانون المتعلق بالمجتمع المدني وإنشاء آلية لتنظيمه ومتابعة نشاطاته، إضافة إلى إعادة هيكلة صندوق تمهين المنظمات غير الحكومية والعمل على تفعيل منتدى الفاعلين غير الحكوميين. السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب إن ظاهرة الفقر، رغم ما عرفته من تراجع نسبي بين 2008 و2014، ما تزال حقيقة مرة يعيشهافي الواقع جزء معتبر من سكان وطننا العزيز، سواء في ذلك الذين مازالوا يقيمون في الأرياف وأولئك الذين حطوا الرحال، على فترات، في ضواحي المدن الكبرى أو في بعض الجيوب داخلها. إن الحكومة تعي ضرورة وأهمية العمل على تحسين ظروف المواطن الموريتاني والرفع من مستوى عيشه، وهي عاقدة العزم على بذل كل الجهود الكفيلة بتحقيق ذلك. وفي هذا الإطار، سيتمثل الهدف الرئيسي للسياسة الاقتصادية للحكومة في مكافحة ظاهرة الفقر بشكل فعال، وفي السعي الحثيث إلى الحد بشكل معتبر من تأثيراتها السلبية على المواطن الموريتاني حيثما كان، وفي العمل الدؤوب على إزالة كل أشكال عدم المساواة التي غالبا ما تصاحب هذه الظاهرة. ولهذا الغرض، ستجري الحكومة خلال السنة الجارية مسحا جديدا حول ظروف معيشة الأسر بغية تحيين المعطيات المتعلقة بالفقر، ومراجعة الاستراتيجية الوطنية للنمو المتسارع والرفاه المشترك بناء على الوضعية الجديدة. وستركز السياسات الاقتصادية الكلية المنتهجة من قبل الحكومة على تسريع وتيرة النمو الاقتصادي والتحكم في التضخم.  وسيتم السعي إلى تسريع وتيرة النمو من خلال تحسين جودة الاستثمارات العمومية وتوجيهها صوب القطاعات الواعدة، وانتهاج سياسة نقدية متوازنة تراعي في آن واحد متطلبات النمو، واستقرار الأسعار، وتنويع الاقتصاد، وتنفيذ إصلاحات هيكلية تمكن من تحسين التنافسية وتحفيز الاستثمار الخاص. وطبقا لبرنامج رئيس الجمهورية، فإن أولى أولويات الحكومة في هذا المجال تتمحور حول تبني نموذج اقتصادي أكثر ارتكازا على الاستثمار الخاص وعلى تنمية رأس المال البشري وتنمية الصناعات والخدمات، ضمن إطار تركز فيه الدولة -أساسا- على مهامها السيادية الكثيرة، وتتولى التنظيم، فضلا عن القيام بالمهام التي لا يقدم فيها القطاع الخاص قيمة مضافة ذات بال. وستتجسد هذه السياسة في معدلات نمو مرتفعة تمكننا من تقليص الفقر والهشاشة مع التصدي بفعالية لمكافحة البطالة وخاصة بطالة الشباب والنساء. وخلال السنوات الخمس المقبلة سيصل متوسط نمو الناتج الداخلي الخام إلى حدود 7% سنويا، ويتم احتواء نسبة التضخم في أقل من 4%. وسيتأتى النمو بصورة متساوقة مع التسيير المستدام لمواردنا. وستنصب جهودنا على خلق الظروف المواتية للتكامل بين القطاعين العام والخاص. وستعكف الحكومة في الأسابيع المقبلة على وضع إطار مشجع للاستثمار الخاص، لاسيما في قطاعات الاقتصاد الواعدة كالزراعة والتنمية الحيوانية والصيد والمعادن والنفط والغاز، وذلك من أجل تحقيق نمو قوي وشامل في المديين القصير والمتوسط. وبخصوص المالية العامة، لن تتساهل الحكومة في إعمال الصرامة في مجال الميزانية. وتتوخى السياسة الميزانويةتأويج المردودية الضريبية، وإرساء العدالة الضريبية، وعقلنة مخصصات الميزانية، وتحسين جودة النفقات، وضمان قابلية تحمل المديونية العمومية على المديين المتوسط والطويل.  وعلاوة على ذلك، ستعمل الحكومة في القريب العاجل على تنفيذ الإصلاحات الضرورية التي يقتضيها تقويم وضعية المؤسسات العمومية التي تعاني من خسارة في الاستغلال ومن تراكم في الديون بشكل لا يخلو من مخاطر على مالية الدولة. وفي هذا الصدد، ستتم مراجعة مفصلة لوضعية المؤسسات المعنية من أجل تحديد الإجراءات الاستراتيجية الواجب اتخاذها. وتلتزم الحكومة بأن تواصل الاعتماد على ما تثبت نجاعته من الآليات المتبعة حاليا لتعبئة الموارد، مع العمل على جعلها أكثر نجاعة وأكثر عدلا وإنصافا. كما تلتزم بأن يعامل كافة الفاعلين الاقتصاديين باحترام وعدل ومساواة، مع تسهيل ما يمكن تسهيله لهم دون أن يمنح لأي كان أي امتياز لا يكفله له القانون. وضمن هذا المنظور، ستضع الحكومة سياسة تهدف إلى الحد من الإعفاءات الكثيرة التي لا مسوغ لأغلبها، فضلا عن الإعانات العديدة التي لا يستفيد منها المواطنون الأكثر احتياجا بصفة رئيسية. السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب من أجل تسريع وتيرة النمو في القطاع الزراعي، ستقوم الحكومة بعد التشاور على نطاق واسع مع مجمل الفاعلين المعنيين، بإطلاق إصلاح عقاري يضمن للأهالي النفاذ إلى الملكية العقارية ويمكن القطاع الخاص الوطني والدولي من الاستثمار بشكل كثيف ومستدام. وستمكن هذه السياسة من زيادة المساحات المروية بصورة معتبرة من خلال تثمين واستصلاح المساحات القابلة للري انطلاقا من قناة آفطوط الساحلي ونهر السنغال وروافده. كما ستترجم في تطوير البنى التحتية المائية الزراعية وفك العزلة عن مناطق الإنتاج وتحسين تنافسية الشعب. وفي إطار سياسة التنويع الوراعي، ستبذل الجهود للتمكن في السنوات المقبلة من تحقيق الاكتفاء الذاتي من مادة الأرز مع تغطية نسبة كبيرة من احتياجاتنا من الخضروات وعصرنة الزراعة المطرية وتنمية شعبتي الخضروات والأعلاف، إضافة إلى تعزيز منظومة الزراعة الواحية وتطوير زراعة القمح. وستجعل الحكومة من التكامل بين الزراعة والتنمية الحيوانية إحدى أولوياتها. وسترتكز الجهود في هذا المجال على زيادة الاعتمادات المالية المخصصة للتنمية الحيوانية من أجل تحسين صحة الماشية، وترقية نمط التربية الكثيفة، وتنويع السلالات، وتشجيع إنتاج الألبان، وإقامة منشآت حديثة لهذا الغرض. وبخصوصقطاعالصيد، ستنصب الجهود على دمج هذا القطاع بشكل أفضل في الاقتصاد الوطني وعلى تسيير مستدام للثروة السمكية، وعلى تكييف منظومة الاستغلال على أساس نمط نفاذ يكون أكثر شفافية وأكثر تكريسا للحقوق المكتسبة مع إرساء منظومة تخصيص قائمة على المنافسة. وسيتم تحيين الاستراتيجية الوطنية للتسيير المستدام مع التقيد الصارم بتوصياتها في مجال المحافظة على الثروة. وفي هذا الإطار، ستستحدث أربع نقاط تفريغ على الشاطئ (في كل من محيجرات، توليت، وكلم 93، وكلم 144)، كما سيبنى ميناء الصيد والمجمع الصناعي في الكلم 28 قبل نهاية العهدة الرئاسية، على أن تستكمل الأشغال في ميناء انجاكو قبل نهاية 2020، ويتم تجهيز جميع منشآت التفريغ بالمرافق الأساسية من أجل تشجيع تنمية النشاطات التي تمكن من رفع القيمة المضافة للمنتجات البحرية. كما سيتم، قبل نهاية المأمورية، زيادة الطاقة التخزينية لتمكن من استيعابنسبة معتبرة من الكميات المصطادة.  ومن جهة أخرى، ستنشئ الحكومة صندوقا لتمويل الصيد التقليدي، وتضع نظاما جبائيا محفزا خاصا على مستوى الموانئ المنشأة حديثا وتلك التي سيتم إنشاؤها. وستعزز آليات توزيع الأسماك عبر تعميم مخازن التبريد على كافة مقاطعات البلاد، وستوسع نشاطات الشركة الموريتانية لصناعة السفن لتشمل المنطقة الجنوبية مع زيادة وتيرة إنتاجها من بواخر الصيد التقليدي والشاطئي. وستواكب هذه السياسة جهود كبيرة للمحافظة على الموارد القابلة للاستغلال وتنويعها، وتحسين تسيير قدرة الاصطياد، وتطوير آليات جديدة من أجل تسيير أفضل للشؤون البحرية وترقية منتجات الصيد القاري والاستزراع السمكي، وتعزيز القدرات العملياتية لعمل الدولة في البحر، وإعداد خطة ملائمة لحقائق القطاع وحاجاته بما يضمن اندماجا سريعا وتعزيزا لحضور موريتانيا ودورها في المنظمات الإقليمية والدولية. ومن شأن سياسة تثمين الثروة هذه أن تسفر عن خلق عدة آلاف من فرص العمل خلال السنوات الخمس المقبلة.  وفي مجال المعادن، ستدعم الحكومة جهود الشركة الوطنية للصناعة والمناجم "سنيم"الرامية إلى عصرنة تسييرها وزيادة قدراتها الإنتاجية. كما ستعمل على مرافقة هذه الرافعة الهامة لتمكينها من التغلب على كافة الصعوبات التي عاشتها في الفترة الأخيرة بفعل عوامل متعددة، من أهمها الهبوط الحاد في معدل أسعار الحديد وضعف الإنتاجية. وستسهر الحكومة، من جهة أخرى، على دراسة واستقصاء كافة السبل الكفيلة بضمان رفع مستوى استفادة اقتصاد البلد من مختلف ثرواته المعدنية سواء منها ما دخل فعلا في طور الاستغلال، وما تم اكتشافه ولم يستغل بعد، وما هو قيد البحث والاستكشاف. وستعطي الحكومة كامل العناية لتنمية الاستغلال التقليدي للذهب ضمن إطار أكثر أمانا بالنسبة للعاملين في القطاع واحتراما لمعايير السلامة والمحافظة على البيئة بما ينعكس إيجابيا وبشكل مستدام على الاقتصاد المحلي وعلى التشغيل. كما ستعمل على تنويع الإنتاج من خلال استغلال مناجم اليورانيوم والفوسفات، مع الالتزام التام بكافة متطلبات سلامة الإنسان والمحافظة على البيئة. وستتم مراجعة الإطار القانوني لتعزيز جاذبية بلادنا في هذا المجال، مع إرساء تسيير شفاف ومستدام للموارد المنجمية. وفي مجال المحروقات، ستقوم الحكومة بكل ما يلزم من أجل احترام الجدول الزمني المحدد لإنتاج الغاز من حقل السلحفاة احميم الكبير، وذلك بالتنسيق والتعاون مع شريكتنا في الثروة وجارتنا الشقيقة دولة السنغال. وستمضي الحكومة قدما في دعم برامج استكشاف مقدرات مياهنا الإقليمية الواعدة التي دخلت الآن طورا متقدما يتراوح بين المسح الزلزالي والحفر على أيدي كبريات الشركات العالمية المتخصصة في المجال.  وتلتزم الحكومة باتخاذ التدابير الضرورية لتأويج الانعكاسات الإيجابية لهذا المورد على الاقتصاد الوطني. ولهذا الغرض، سيتم دعم منظومة التكوين المهني والفني، وتنفيذ برامج رسكلة وتحسين خبرة لصالح الكفاءات الوطنية بمستوياتها المختلفة لضمان أقصى استفادة ممكنة من فرص التشغيل التي سيتيحها استغلال الثروة الغازية. كما سيتم دعم تأهيل المقاولات الوطنية للاستفادة من صفقات المقاولة من الباطن.  ولتشجيع المنافسة، سيعاد تنظيم قطاع التجارة وتتم عصرنته، وذلك من خلال إنشاء سجل تجاري مركزي ووضع قواعد صارمة للمنافسة من أجل حماية المستهلكين. وفي هذا الإطار، ستعرض الحكومة على جمعيتكم الموقرة مشروع قانون خاص بحماية المستهلك ومحاربة التفاهمات الخفية والشطط في استغلال موقع الهيمنة في السوق إلى غير ذلك من الممارسات التجارية غير المشروعة. وفي مجال السياحة، ستستثمر الحكومة ما تنعم به بلادنا اليوم من أمن وأمان من أجل إعادة تنشيط هذا القطاع الحيوي. وفي هذا الإطار، سيتم تشجيع تشييد البنى التحتية السياحية وتنمية التكوين في المهن السياحية، إضافة إلى تنفيذ سياسة تستهدف الترويج لموريتانيا كوجهة سياحية من خلال ترقية منتجات السياحة الطبيعية والثقافية، وخاصة المواقع التاريخية والأثرية. وسيتم السعي في هذا المجال لجذب أكبر عدد ممكن من السياح، طبقا لأهداف الاستراتيجية الوطنية لتنمية السياحة. ومن جهة أخرى، تلتزم الحكومة بوضع وتنفيذ استراتيجية وطنية للنهوض بقطاع الصناعة التقليدية تأخذ في الاعتبار خصوصية هذا القطاع وما يزخر به من مقدرات واعدة، بوصفه قطاعا يتكامل فيه بامتياز البعد التراثي الرمزي والإمكانيات الاقتصادية المؤكدة في مختلف شعبه. وستتم ترجمة عناية الحكومة بهذا القطاع الحيوي عما قريب في مشاريع ملموسة تعود بالنفع على الحرفيين وعلى الاقتصاد الوطني. السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب ستسعى الحكومة إلى تثمين استقرار البلاد وموقعها الجيوستراتيجي لجذب الاستثمار الخاص وتوسيع السوق. وفي هذا الصدد، ستواصل الجهود الرامية إلى تفعيل اتفاق الشراكة مع المنظمة الاقتصادية لدول إفريقيا الغربية وتطبيق التعرفة الخارجية المشتركة ابتداء من يناير 2020، إضافة إلى تفعيل اتفاقية منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية. 

التصنيف: