جمع وحفظ المياه في آبار الجمع الكاتب: جورج كرزم خاص بآفاق البيئة والتنمية

سبت, 09/04/2021 - 11:55

تعد عملية جمع مياه الأمطار عن أسطح المنازل، قبل وصولها إلى الأرض، تقليدا فلسطينيا عريقا، خاصة في الريف الفلسطيني، حيث نجد آبار جمع في العديد من البيوت، وذلك بغض النظر عن ارتباطها أو عدم ارتباطها بشبكات المياه.  ويعد بئر الجمع مصدرا احتياطيا إضافيا لري الحديقة المنزلية أو لسقاية الحيوانات أو للشرب. 

وفي ظل القيود الحالية، بإمكان آبار الجمع أن تخفف، ولو بشكل جزئي، من أزمة مياه الشرب والري، ناهيك عن مساهمتها في تخفيض مدى استنزاف المياه الجوفية. وفي المناطق التي تكثر فيها البيوت البلاستيكية يمكن جمع ملايين الأمتار المكعبة من المياه عن أسطحها سنويا.  ويشكل بئر الجمع مصدرا مائيا مجانيا ومضمونا ومتجددا.

وتشكل عملية جمع مياه الأمطار عن أسطح المنازل، ضمانة لمنع تلوث تلك المياه الناتج عن اختلاطها بملوثات التربة، فضلا عن أن اعتراض المياه الساقطة من مكان مرتفع يُسَهِّل عملية جمعها، ويزيد كميتها، ويقلل من الفاقد المائي على الأرض وبداخل التربة. 

وتعتبر الأسطح الإسمنتية المنتشرة في المناطق الفلسطينية من أفضل الأسطح لجمع مياه الأمطار، وذلك من ناحية كمية المياه التي يمكننا جمعها منها، من إجمالي الكمية الساقطة، ومن ناحية إمكانية المحافظة على نظافتها، وبالتالي نظافة الماء، علما أن المواد المكونة للأسطح الإسمنتية لا تتفاعل مع الماء، الأمر الذي لا يؤثر على طعم الماء ورائحته.

وتعد درجة ميل الأسطح الشائعة فلسطينيا، وهي إجمالا 1%، ضرورية لتجميع المياه في منطقة معينة.  كما لابد أن يكون السطح محاطا بسور لا يقل ارتفاعه عن مستوى السطح بـِ 25 - 30 سم، وذلك لضمان أن لا يقل هذا الارتفاع عن مسافة ارتداد قطرات المطر عن السطح.  ومن الضروري أن يكون السطح محميا من التلوث الناتج عن مخلفات الحيوانات والطيور والغبار وغيرها.        

يعد استعمال المِزْراب من أفضل الطرق لنقل مياه المطر من موقع الجمع إلى موقع التخزين، أي البئر.  وتتنوع أنواع المزاريب من حيث المواد المصنوعة منها وحجمها وجودتها.  ويعتبر مزراب الزينكو أو التنك الشائع فلسطينيا مناسبا، بالمقارنة مع ارتفاع تكلفة المزاريب المعدنية الأخرى، واحتمال صدأها أو تفاعلها مع الماء.  وتعد كمية المطر ومساحة السطح أهم عاملين في تحديد قطر المزراب الذي يجب أن يسمح بانسياب مياه السطح بسهولة.

ويمكننا جمع مياه الأمطار ليس فقط في بئر جمع في باطن الأرض، وإنما أيضا في أوعية كبيرة مناسبة مثل خزانات بلاستيكية أو معدنية أو براميل.  ويفترض بالبئر أو الخزان أن لا يكون نَفَّاذا، وأن يكون قابلا للصيانة، وأن يتحمل ضغط الماء والتغيرات المناخية، فضلا عن إغلاقه بإحكام لحمايته من الأوساخ وأشعة الشمس.

أما احتياجات الأسرة المائية من بئر الجمع، فيمكننا تحديدها استنادا إلى مجالات استخدام المياه، سواء للشرب، أو للغسيل، أو للطبخ، أو لري الحديقة، وغير ذلك. 

ويفترض أن تتابع الأسرة مدى جودة المياه في بئر الجمع وصلاحيتها للشرب، وذلك في حال استخدام مياه البئر للشرب.  ويتمثل الجانب الأساسي المتعلق بالنظافة والصحة، أن يكون موقع البئر بعيدا عن الحفرة الامتصاصية، وأن لا تصل المياه الملوثة، كالمياه العادمة والمجاري، إلى البئر، علما أن المسافة الدنيا المسموح بها بين بئر الجمع والحفرة الامتصاصية 50 متراً.  وبالطبع، يفضل أن تكون المسافة أكبر من ذلك.  كما يجب ضمان عدم تلويث الحيوانات للبئر. 

ويجب التأكد من عدم تغير لون المياه وطعمها ورائحتها، علما أن تغير اللون إلى لون الصدأ أو اللون الداكن، قد يكون بسبب ارتفاع نسبة الحديد أو غيره من المعادن، الأمر الذي يترك أثرا في أواني الطبخ أو لدى غلي الماء.  ويجب ألا تكون المياه "عكرة"، علما أن سبب كون المياه عكرة يكمن في وصول مياه ملوثة أو أتربة إلى مياه البئر، أو نمو طحالب على جدران وأرضية البئر وغير ذلك. 

وفي حال التأكد من وجود أي من أعراض التلوث السابقة، فلا بد من إغلاق البئر والمصرف، والتأكد من نظافة محيط البئر، فضلا عن نظافة الدلو والحبل في حال استخدامهما، أو نظافة المضخة.  وإذا ما تم التأكد من وجود تلوث معين، فلا بد عندها من إجراء الفحص المخبري على عينة من مياه البئر، علما أن الفحص قد يكون فيزيائيا، للتأكد من وجود تلوث فيزيائي، من خلال الرائحة، اللون، الطعم، درجة الحموضة، العكر وغير ذلك.  وقد يكون الفحص كيميائيا، للتأكد من وجود ملوثات كيميائية، أو قد يكون بيولوجيا وجرثوميا، للتأكد من وجود ديدان أو جراثيم معينة.

وتتلخص أهم الإجراءات لوقاية مياه البئر أو الخزان من التلوث، في تنظيف وغسل السطح والمِزراب والبئر أو الخزان، وذلك قبل فصل الشتاء.  ومن المحبذ وضع شبكة أو مصفاة، عند فتحة انسياب الماء إلى البئر، أو عند فتحة المزراب، وذلك لتفادي مختلف أنواع الملوثات، مثل البلاستيك والحجارة والورق وأوراق الشجر. 

ويفضل أن يكون المزراب النازل متحركا، أي غير ثابت، وذلك لضمان صرف المياه غير النظيفة، وخاصة في بداية الموسم، فضلا عن صرف المياه التي يشك بأنها ملوثة.  كما أن المِزراب المتحرك يمكننا من تحويل المياه إلى وعاء أو خزان إضافي، في حال امتلاء البئر أو الخزان الأصلي.

https://www.maan-ctr.org/magazine/article/3167/

التصنيف: 

الأخبار