تحقيق الاستدامة فى ظل تحديات أزمة كورونا المنتدى المصرى للتنمية المستدامة يحتفل بيوم البيئة العالمى من خلال ويبينار اقليمى تحت عنوان « تحقيق الاستدامة فى ظل تحديات أزمة كورونا العالمية »

أربعاء, 07/08/2020 - 12:09

متابعة / هيثم عبدالعظيم

دائماً وأبداً تثبت لنا جميع المعطيات ان الإنسان هو صاحب الكلمة الأولى والمؤثر الحقيقي وله الدور الفاعل في اعادة تشكيل الطبيعة، وجاءت جائحة كورونا العالمية والتي اصابت ما يقرب من عشرة ملايين من البشر وتسببت فى وفاة أكثر من نصف مليون انسان فى مختلف أرجاء العالم حتى الآن خير دليل على ذلك، ولت ثُبت للجميع ولتؤكد لكل من شكك في هذا أن التخريب والدمار الذي احاط بالبيئة ومواردها كان للإنسان اليد العليا فيه

لذلك كان من الحتمي والضروري فى هذا التوقيت تحديداً أن تحرص كل المنظمات والكيانات المعنية بالبيئة أن تلفت نظر العالم إلى أهمية الطبيعة والحفاظ عليها، ومن هنا حرصت الأمم المتحدة للبيئة أن تذكر العالم فى مناسبة الاحتفال بيوم البيئة العالمى الموافق الخامس من يونيو من كل عام بحتمية العودة للطبيعة والاهتمام بها، وجاءت برسالة واضحة للجميع تحت شعار «حان وقت الطبيعة »، لتؤكد فيها أهمية الحفاظ على الطبيعة وعدم العبث بها وبمواردها ولتؤكد ايضاً بأن الكثير من الأمراض والأوبئة كان من أهم اسباب ظهورها هو الخلل الواضح والحادث في التوازن البيئي، وللأسف عند لحظة الخلل هذه يقف الإنسان عاجزاً لفترات ليست قصيرة حتى يستطيع ان يجد الآليات التي يتعامل بحرفية مع هذه الأزمات، لتترك من ورائها الكثير من التأثيرات الإقتصادية والإجتماعية والبيئية مما يزيد من جملة التحديات التي تعوق تحقيق التنمية المستدامة واهدافها. وللتأكيد على ذلك اطلق المنتدى المصري للتنمية المستدامة في السابع من يونيو دعوة لعقد لقاء عبر منصة زووم الألكترونية تماشياً مع الإجراءات الإحترازية المتخذة لمواجهة جائحة كورونا العالمية، وذلك تحت عنوان «تحقيق الإستدامة في ظل تحديات أزمة كورونا العالمية »، وضم هذا اللقاء عدد من الخبراء التنمويين وخبراء الإقتصاد والإجتماع والبيئة وممثلوا لمنظمات المجتمع المدني ليس في مصر فقط بل في العديد من الدول العربية الشقيقة وكذلك عدد من الإعلاميين والمعنين من الجهات الحكومية الرسمية

جائحة كورونا .. وأهداف التنمية المستدامة

وقد ناقش اللقاء تأثيرات جائحة كورونا العالمية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وكذلك تأثيراتها على قطاع الأمن الغذائي والطاقي في مصربالإضافة إلى تأثيرات الجائحة على المستوى الإجتماعي، وإنطلقت النقاشات لتبرز أهمية التكامل بين الدول العربية وعلى أهمية دور المجتمع المدني ومساهماته في التصدي لمواجهة جائحة كورونا. وأشار الدكتور عماد الدين عدلي رئيس المنتدى،
أن هذا اللقاء يأتي تواكباً مع الإحتفال بيوم البيئة العالمي، والذي يأتي أيضاً في ظل المحنة العالمية التي يمر بها العالم وما يدور حولها من أزمات وكوارث وإنتشار للأمراض المعدية والأوبئة ليؤكد إرتباط الطبيعة بهذه المستجدات الخطيرة التي تودي بحياة الكثير من البشر،ومهددة بآمال وطموحات تحقيق الإستدامة لمختلف الشعوب.وتحدث د.عماد كذلك عن أهمية الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة والمعني بضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية موضحاً بأن جائحة كورونا العالمية أثبتت أهمية الإهتمام بالقطاع الطبي وضرورة رفع قدراته وزيادة مرونته لمواجهة الأوبئة والأمراض المعدية، ومدى إرتباط هذا الهدف وغاياته بأهداف متعددة من أهداف التنمية المستدامة. وشدد د.عماد أيضاً على أهمية دور الفرد في مواجهة تلك الأزمات والكوارث، وحتمية العمل على الإستثمار البشري من خلال رفع قدراته وزيادة درجة وعيه بكل الوسائل، ومدى إرتباط ذلك بضرورة تعظيم دور المجتمع المدني وقدرته في تحقيق ذلك.
وعن تأثيرات جائحة كورونا العالمية على الأمن الغذائي في مصر أشار الدكتور أيمن فريد أبو حديد وزير الزراعة الأسبق وعضو مجلس أمناء المنتدىفي كلمته أن عدوى الإصابة بفيروس كورونا المستجد تزداد داخل المناطق الفقيرة ذات الكثافة السكانية العالية، وذلك الأمر يعد أكبر تهديداً للقطاع الزراعي حيث أن الأغلبية من العاملين في هذا القطاع يقطنون هذه المناطق، وبالتالي هم أكثر عرضه للإصابة، وعليه، فإن القطاع الزراعي من أكثر القطاعات تأثراً بجائحة كورونا العالمية. واشار إلى أنه قد إنطلقت العديد من التحذيرات الدولية بشأن تزايد نسبة الفقر خاصةً في المناطق الريفية كنتيجة مباشرة لتوقف العديد من مصادر مدخلات الزراعة مثل وسائل النقل وحركة الموانيء البحرية والبرية بين الدول مما أعاق عمليات الإستيراد والتصدير بشكل كبير
واوضح د.ابو حديد إلى أن من أهم التأثيرات المرصودة لجائحة كورونا هو ظاهرة محددات الصادرات الغذائية التي إتخذتها بعض الدول المصدرة مما أصبح ذلك تهديداً للدول المستوردة لنسبة عالية من المحاصيل الإستراتيجية لتأمين أمنها الغذائي، كذلك هناك بعض التأثيرات المباشرة على عمليات تسويق المنتجات الزراعية نتيجة لإجراءات إغلاق المطاعم، والتي تسببت في نقص الدخل، وقد اثرت بشدة على دخل المزارع خاصة المزارع الصغير.
وحول الأمن الطاقي أشارت الدكتورة أنهار حجازي خبير الطاقة الدولي وعضو مجلس أمناء المنتدى إلى أن ما تم إنجازه من عمليات تطوير قطاع الطاقة في مصر خلال السنوات الخمس السابقة جعله قادراً على الاستمرار في تأمين امدادات الطاقة وخدماتها خلال أزمة كورونا، خاصة للمؤسسات العلاجية،و كان هو القطاع الاعلي تشغيلآ خلال الازمة. وابرزت د. أنهار في كلمتها إلى أن أزمة كورونا العالمية كان لها تأثير قوي علي قطاع الطاقة العالمي، بسبب الانخفاض الحاد للطلب علي موارد الطاقة نتيجة لإنخفاض الأنشطة الإقتصادية، وحركة النقل البرى والجوى مما أدى الي تقليص اسواق النفط والغاز وتذبذب اسعارها بشكل حاد، مما هدد عوائد الدول المنتجة.. وأشارت إلى انه من المتوقع ان يطرأ تغيير علي اتفاقات شراء الطاقة من المشروعات المنفذة بنظام تعريفة التغذية، وذلك في ظل الآثار السابق الاشارة اليها الناتجة من أزمة كورونا العالمية. وذلك بالتشدد في شروط القوى القاهرة في الاتفاقات

الاقتصاد العالمى فى مهب الريح

ومما لا شك فيه أنه كان لجائحة كورونا العالمية تأثيرات قوية على القطاع الإقتصادي العالمي وهذا ما أكدته الدكتورة يمن الحماقي استاذ الإقتصاد بجامعة عين شمس، وعضو مجلس أمناء المنتدى في كلمتها مؤكدة على أن القطاع الإقتصادي هو أكبر القطاعات التي تأثرت ومازالت تتأثر نتيجة لجائحة كورونا العالمية، وأن هناك العديد من الدرسات التي تشير إلى زيادة نسبة الفقر من 32.5 % إلى % 60 كنتيجة مباشرة لزيادة نسب البطالة على مستوى العالم نتيجة لتأثير الجائحة على عدة قطاعات هامة منها قطاع الخدمات، والعمالة غير المنتظمة، والقطاع غير الرسمي مما نتج عن ذلك أن هذه التأثيرات التي حدثت تعتبر بمثابة تهديد مباشر وذات صلة كبيرة بالأمن القومي للعديد من البلدان خاصة النامية. وصرحت بأن هناك تشابه كبير بين جائحة كورونا العالمية وبين قضايا المناخ من حيث عالمية حدوثها وتأثيرتها، كذلك الأمر بأن الدراسات تؤكد بأنهما تسببا في زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء وأصبح هناك خلل واضح في توزيع الدخول بين الأفراد
كما أظهرت أزمة كورونا العالمية أن الرؤية العالمية والتضامن العالمي وبناء الشراكات بين الدول ليس كما كان مأمولاً أو متوقعاً أخذاً في الإعتبار أن توافق الرؤى العالمية وبناء الشراكات هما أساس تحقيق أهداف التنمية المستدامة مما ينذر بخطر كبير يجب أن يؤخذ في الحسبان لكل الأطراف المعنية بتحقيق الإستدامة أخذاً في الإعتبار بأن للجائحة تأثيرات كبيرة على ميزانيات الدول، وذلك بعد الإنتهاء من أزمة كورونا مما قد يكون ذلك من أهم التحديات التي ستواجهه خطط تحقيق التنمية المستدامة نتيجة لضعف التمويل المتاح
وتحدث الدكتور مجدي علام الخبير البيئي الدولي وعضو مجلس أمناء المنتدى عن مدى إرتباط البعد البيئي بجائحة كورونا العالمية، مؤكداً على أن هناك العديد من الدراسات التي تشيير إلى أنه توجد علاقة مباشرة بين جائحة كورونا العالمية وبين التدهور الحادث في قطاع التنوع البيولوجي نتيجة للإرتباط الحادث بين الكائنات الدقيقة وتأثيرات المناخ معتبراً ذلك أحد أسباب ظهور جائحة كورونا وكذلك لعودة بعض الأمراض والأوبئة مثل الملاريا والسل. واوضح د.مجدي بأن هناك تغير خطير في طرق نقل العدوى والتي منها الإنتقال المباشر للعدوى من الحيوانات والطيور إلى الإنسان مما تسبب ذلك في ظهور قائمة جديدة من الأمراض المعدية والأوبئة مؤكداً على أن هناك عوامل جديدة بدأت في الظهور وترتبط إرتباطاً وثيقاً بالتغيرات المناخية
وحول تأثيرات جائحة كورونا العالمية على المستوى الإجتماعي أشارت كلمة الدكتورة هالة يسري أستاذ علم الإجتماع وعضو مجلس أمناء المنتدى إلى أنه توجد العديد من التأثيرات المرتبطة بالبعد الإجتماعي التي حدثت نتيجة جائحة كورونا العالمية والتي كان ومازال تأثيراتها تزداد مثلقلة الإنتاج، والتجارة العالمية، وحدوث نقص في تداول البضائع كذلك تسببت الجائحة في غلق الحدود، وفقدان الوظائف، حيث فقدت حوالى مليون وظيفة، ووقع الملايين فى شبكة الفقر فى المنطقة العربية
وأشارت د.هالة بان هناك دراسات رصدت إلى أن أكثر الفئات تضررا هم:كبار السن، والأطفال، وذوي الإحتياجات الخاصة، والعمالة غير المنتظمة، والمرأة كانت من أكثر الفئات تضررا من تأثيرات جائحة كورونا العالمية إضافة إلى زيادة العنف الأسري وكذلك العنف المجتمعى
وفي كلمتها أشارت المهندسة سماح صالح ممثلة وزارة البيئة فى هذه الاحتفالية ومدير وحدة التنمية المستدامة بالوزارة إلى أن وزارة البيئة تعمل بكل جهد بالتعاون مع الأطراف المعنية في إيجاد وسائل ونظم جديدة لعمليات فصل المخلفات الناجمة من إجراءات الوقاية مثل الكمامات والقفازات عن المخلفات البلدية لإحتواء إنتشار الوباء.. واوضحت م.سماح إلى أن الوزارة تقوم حالياً بالتعاون مع وزارة التضامن الإجتماعي في تأسيس شبكة حماية إجتماعية للعاملين في قطاع المخلفات الصلبة وتحويلها إلى قطاع رسمي مشمول بكل وسائل الحماية الإجتماعية. كما أنها تقوم حالياً بإعداد خريطة توزيع جديدة للسياحة البيئية تعتمد على إعادة توزيع للسياحة البيئية كالمحميات البيئية، وذلك بشكل يتناسب مع الدروس المستفادة من أزمة كورونا العالمية

كورونا .. وتوصيات للمجتمع المدني

وضمن فعاليات الإحتفال بيوم البيئة العالمي 2020 أطلق المنتدى بياناً حول أهمية التنوع البيولوجي والحفاظ عليه واشار كذلك الى حجم التأثيرات الناجمة عن جائحة كورونا العالمية على مسيرة تحقيق التنمية المستدامة وشدد كذلك على حتمية التلاحم والتعاضد فيما بين كافة مؤسسات المجتمع المدنى، وكافة أطياف القطاع الخاص، وكذا الحكومة ، والمنظمات الدولية والاقليمية والوطنية، لتحقيق الاهداف التى يسعى يوم البيئة العالمى الى ترسيخها هذا العام مؤكداً على أن الشراكة أحد أهم المداخل بل وأهمها لتحقيق هذه الأهداف وهى ضمانة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة فى نفس الوقت، ولابد وأن نعى أننا حينما نتحدث عن ضرورة حماية التنوع البيولوجى فاننا نتحدث عن 8 مليون نوع من النبات والأنواع الحيوانية، فضلا عن النظم الإيكولوجية التي تأويها جميعا، والتنوع الجيني فيها. واوصى اللقاء بمجموعة من التوصيات الهامة والتي جاءت في مقدمتها ضرورة حث منظمات المجتمع المدني الجهات المعنية بوضع خطط التنمية المستدامة داخل دولها بضرورة إعادة صياغة هذه الخطط في ظل الدروس المستفادة من جائحة كورونا العالمية، مع المطالبة بإعادة تقييم أهداف التنمية المستدامة والتفكير فيها بشكل مختلف خاصةً المرتبطة بالطقس والمناخ أخذةً في الإعتبار أثار جائحة كورونا والتي ستؤثر سلباً في قدرة الدول النامية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والمساهمة في إعادة النظر في إقتراح حلول بديلة. كما اوصى المشاركون بضرورة تحديث الاستراتيجيات الوطنية للطاقة، لمواكبة التحول في نظام الطاقة العالمي وبما يواءم الظروف الوطنية، مع العمل على إدماج إجراءات التصدي للتغيرات المناخية في جميع خطط وبرامج القطاع، بالإضافة إلى حفض الإنبعاثات تحديد الفرص ذات الاولوية لذلك في القطاعات المختلفة
التوصية بضرورة خلق إطار مؤسسي لإدارة منظومة البحث العلمي وربطه بالقطاع الصناعي وكذلك بجهات التمويل الوطنية.كذلك الأمر التوصية بانه من المكن أن تمثل جائحة كورونا فرصاً لمصر إذا ما تم إستغلالها بكفاءة، وعلى رأسها الإهتمام بالقطاعات التي يتزايد حجم الطلب عليها وعلى راسها المستلزمات الطبية والدواء والصناعات الغذائية وتكنولوجيا المعلومات والتجارة الإلكترونية مما يتيح ذلك فرص عمل
 

التصنيف: