شهر رمضان هو شهر العبادة والتأمل والتدبر حيث يفسح المجال أمام العقل والروح للتدبر بعيداً عن اهتمامات الجسد المادية … ولم يترك القرأن شئ الا واخبرنا عنه بدقة لكي ما نتأمل ونتدبر ونعقل الأمور فهو لم يترك كبيرة أو صغيرة من الأمور الحياتية « وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْجُْرِمِ نَ مُشْفِقِينَ مَِّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِ لَّا أَحْصَاهَا » (سورة الكهف 49 )
لذا يمكن أن نتدبر الكثير مما يحدث حولنا فى البيئة من مشكلات قد عادت على الإنسان بالثبور وعظائم الأموروالويلات التى كانت سبباً لشقاء البشرية … رأينا تلك الأعاصير والفيضانات التى تجتاح المدن وتغرقها وتدمرها وتأتى على الأخضر واليابس ورأينا الناس يتساقطون صرعى من جراء موجات الحرارة العالمية ومنهم من يسقط بالجوع نتيجة زحف الجفاف والتصحر وملوحة التربة … كل ذلك قد كان بفعل ممارسات الإنسان وتدخله فى فطرة الطبيعة فأفسدها فأنقلبت عليه بالمصائب والكوارث التى لاقبل له بها … لقد نسى أن الله سبحانه وتعالى هو الذى يسير ذلك الكوكب وأن كل شئ قد خلقه بحساب «إِنَّا كُلَّ شَيٍْء خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ » (سورة القمر 49) فالله سبحانه وتعالى قد جعل لكل شئ خلقه تخوم ومسارات بها يتحقق خير الإنسان وتصلح الاحوال « وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ »(سورة الانبياء 33) وفى نفس السورة يحدثنا عن عظمة خلقه ومايحققه ذلك من سعادة للإنسان ويمكنه من الحياة بقوله تعالى «أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَا لَْرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ ا لْاَءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَ يُؤْمِنُونَ » (الانبياء 30) ..لقد خلق الله البيئة ذلك الوسط الذى جعله ملائماً ومناسباً ليحيا فيه الانسان وجعل له فيها مأكلاً ومشرباً طيباً « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لَِِّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ » (البقرة 172) «وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا » (الإنسان 21) … ولكن الإنسان هومن أفسد مأكله بتدخله فيما خلقه الله عليه ولوث شرابه من الماء فلم يعد مصدراً للحياة بل للموت .. وراح الجهول يعبث بمصدر الحياة الذى جعله الله له وهو الماء العذب تارة بتلويثه بتلك الاشياء التى يستعملها وتارة أخرى بالإسراف فى استخدامه … لقد خلق لنفسة العديد من الإشكاليات وقد نسى تحذير الله ورسوله له بعدم الإسراف فى مأكله ومشربه وملبسه قَالَ رَسُولُ اللَِّه ﷺ: «كل واشرب، والبس وتصدق، من غَيْرِ سَرَفٍ وَلَ مَخِيلَةٍ » فكل شئ مأمور فيه الانسان بالإقتصاد وعدم الاسراف وذلك مالم يحدث حتى فى شهر الفضائل الكريم … لقد جلب الإنسان على نفسه الويلات والكوارث وقد كان هومن ظلم نفسة «وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ » (سورة النحل 118) لقد أنزل الله له الماء من السماء لكى مايكون مصدر لحياته فهو لم يكلفه مشقة ذلك « أَفَرَأَيْتُمُ الْاَءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ، أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْزُْنِ أَمْ نَحْنُ الْنُزِلُونَ» (سورة الواقعة 68 – 69) … لقد عبث بكل شئ وبذلك المورد الهام للحياه فراح يسرف فى استخدامه ونسى أن الرسول ﷺ يخبرنا برواية عن سعد بن أبي وقاص عن النبي ﷺ أنه نهى عن الإسراف ولو كان على نهر جارِ … إن الحفاظ على البيئة والمأوى الذى يعيش فيه الانسان واجب عليه وأن دفع كل مايؤذي هو صدقة وشعبة من شعب الإيمان حيث أن إماطة الأذى عن الطريق من اسباب دخول الجنة .. كما روى عن الرسول ﷺ (الِْإيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَ إِلَهَ إِ لَّا ا للَُّه، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ ا لَْأذَى عَنْ الطَّرِيقِ(( .. وأخيراً ))إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَا لَْأرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَأيَاتٍ لُِّأولِي الَْألْبَابِ) (آل عمران 190)
بقلم د. عماد الدين عدلي