مثل وزيرالشؤون الخارجية والتعاون، الدكتور إسلكو ولدأحمد إزيدبيه، رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبدالعزيز الرئيس الدوري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، في مخاطبة المؤتمر الثاني للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية الذي انطلقت أشغاله اليوم السبت بالقاهرة.
وهذا نص الخطاب:
"معالي السيد رئيس البرلمان العربي
معالي السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية
أصحاب المعالي رؤساء البرلمانات العربية
السادة أعضاء البرلمان العربي
أيها الحضور الكريم
شرفني صاحب الفخامة السيد محمد ولد عبد العزيز، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، الرئيس الدوري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، بانتدابي ممثلا عنه لمخاطبة مؤتمركم الموقر، وكلفني بنقل تحياته السامية إليكم وتمنياته لكم بالتوفيق والنجاح في أعمال الدورة الثانية للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية. وتعد هذه السانحة بالنسبة لي، وبصدق، مصدر فخر واعتزاز، وأنا أخاطب هذا الجمع الكريم من البرلمانيين العرب، وقد وحدتهم هذه الهيئة التي تعتبر، بحق، إحدى أهم مؤسسات العمل العربي المشترك، فاجتمعوا للنهوض بواجبهم في رص الصف العربي، وتجسيد آمال شعوبهم على أرض الواقع ولسان حال كل منهم ينشد قول الشاعر:
فيم التفرق والأهداف تجمعنا لا يعلم السر إلا الله مولانا
كم ذا أخاصم قلبي حين أهجركم وأمتري منه سلوانا ونسيانا
ويرفض القلب أن تنأى قلوبكم إن الحبيب حبيب حيثما كانا
السيدات والسادة
تنعقد هذه الدورة بعد التئام قمة نواكشوط في الدورة السابعة والعشرين، تلك القمة التي توجت أعمالها بصدور قرارات مهمة، تناولت مجمل القضايا العربية، وفي طليعتها قضيتنا المركزية الأولى (القضية الفلسطينية)؛ حيث أكد إعلان نواكشوط على المضي قدما في دعم الشعب الفلسطيني سياسيا وماديا ومعنويا لتعزيز صموده في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، مع تأكيد الموقف العربي الثابت القائم على أن خيار السلام العادل والشامل والدائم يقوم على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكامل الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، والانسحاب إلى حدود الرابع من يونيو / حزيران1967، وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على كامل أراضيه، وعاصمتها القدس الشرقية.
ويأتي تبني مجلس الأمن الدولي مؤخرا للقرار 2334 المتعلق بعدم شرعية المستوطنات، واعتبارها انتهاكا للقانون الدولي، ثمرة للنضال الدؤوب للشعب الفلسطيني وللجهود العربية المشتركة؛ الأمر الذي يشجعنا أكثر على مواصلة العمل لحشد المزيد من الدعم لقضيتنا المركزية الأولى.
السيدات والسادة
إن ما تعرفه منطقتنا العربية من أحداث يستدعي منا العمل على صون الأمن القومي العربي، وتكريس ثقافة السلم الأهلي، وتسوية الأزمات العربية من خلال تفاهمات سياسية، وتغليب لغة الحوار والحلول الودية، والعمل على رفع التحديات التنموية، والارتقاء بالمجتمعات العربية، وترسيخ قيم الديمقراطية والعدل والمساواة، وتوسيع دائرة مشاركة المرأة، والنهوض بالشباب لتوظيف إمكانياته في التنمية، وإعطاء العناية اللازمة للثقافة، باعتبارها رافعة رئيسية للتنمية، والوعاء الحضاري الذي يمكن استثماره للنهوض بالمستوى الفكري للمجتمع للتصدي لمعوقات عمل المؤسسات السياسية والنظام الإقليمي العربي، وتعزيز مفهوم الأخوة العربية، ونبذ التعصب وكل ما من شأنه إثارة النعرات الطائفية والمذهبية.
وفي هذا الصدد، نحث أشقاءنا في سوريا واليمن وليبيا والصومال على اعتماد الحوار نهجا لإيجاد الحلول السياسية القائمة على الحفاظ على وحدة الأوطان واستقلالها، وصيانة كرامة الشعوب وتطلعاتها المشروعة في الحرية والديمقراطية.
كما نؤكد قناعتنا في ضرورة استعادة جامعة الدول العربية دورها الطبيعي في حل الأزمات، والاضطلاع بمسؤولياتها كاملة في تحريك القضايا المطروحة عربيا، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال توحيد كلمة العرب ومواقفهم.
السيدات والسادة
إن الإرهاب والعنف وأشكال الجريمة المنظمة الأخرى من أكثر الظواهر التي تهدد العالم اليوم، وتستأثر منطقتنا بنصيب وافر من هذا التهديد؛ الأمر الذي يحتم علينا وضع مقاربات حديثة وشاملة لصيانة أمننا القومي، ويجعل من الضروري كذلك تطوير آليات التعاون الإقليمي والدولي. ويعد تعزيز التعاون مع التجمعات الإقليمية دعامة قوية وبعدا استراتيجيا؛ لذلك انتهجت موريتانيا سياسة للتصدي للإرهاب ومحاربته بوضع إستراتيجيه وطنية شاملة، كما عملت على توطيد التعاون الثنائي والإقليمي والدولي، فانخرطت في شراكة إقليمية ناجحة، أنشأت بموجبها تجمع دول الساحل الخمس الذي يتخذ من نواكشوط مقرا لأمانته الدائمة، في نفس الوقت الذي تقوم فيه بدورها كاملا داخل منظومة دول مسار نواكشوط.
السيد الرئيس، السادة الحضور
عملت الجمهورية الإسلامية الموريتانية طيلة فترة رئاستها الدورية لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة، على نقل القضايا العربية إلى المحافل الدولية والدفاع عنها، ولن تألو جهدا في الدفع بالعمل العربي المشترك خدمة لتطلعاتنا المشروعة. ونعول على الدور الحيوي الذي يقوم به البرلمان العربي في كل المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي الأمن القومي.
وعملا على تقريب الجامعة من اهتمامات الشارع العربي، يجدر بنا التفكير في إمكانية تأسيس جمعيات ونواد في كل مدينة عربية للتعريف بالدور المحوري للجامعة في ترقية ثقافة الأمن والسلم الأهليين.
وقبل أن أنهي كلمتي، لا يسعني إلا أن أعرب لكم عن تقديرنا الكبير للزيارة التي قام بها مؤخرا وفد من هيئتكم الموقرة برئاسة معالي رئيس البرلمان الدكتور مشعل بن فهم السلمي، تلك الزيارة التي كانت مناسبة لمشاورات بناءة.
وفي الختام أجدد، باسم فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، الرئيس الدوري لمجلس الجامعة، التهنئة لكم، متمنيا لأعمال دورتكم التوفيق والنجاح لبلوغ الأهداف والغايات التي نطمح إليها.
وأشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقاهرة, 11/02/2017
.