لَيْتَهم أضافوا الأرض إلى المتغيّرات الثلاثة، وهي المناخ والغذاء والزراعة، حين صمّم شعار اليوم العالمي للغذاء في عام 2016، وهو المناخ يتغيّر والأغذية والزراعة أيضاً. لكنّهم لم يطّلعوا على ما يحدث للأرض في السودان، وسط تحذيرات من حدوث مجاعة وفقر وكارثة غذائيّة إذا ما استمرّ الحال على ما هو عليه.
يتّفق الجميع على أنّ أبرز مشاكل البيئة وأكثرها تعقيداً وأصعبها حلاً، هي مشكلة تلوّث التربة بالمواد الكيميائيّة، على غرار مبيدات الآفات والأسمدة الصناعية في الزراعة. ويؤكّد البروفسور مأمون ضو البيت، وهو عضو في مجلس نقل التقانة والإرشاد، أنّ تطوير المبيدات والأسمدة جاء من منطلق الحاجة إلى زيادة الإنتاج وحماية الزراعة من الآفات، مشيراً إلى أنّ معاناة السودان ترتبط بسوء الاستخدام، الأمر الذي أدّى إلى تضرّر البيئة والإنسان. ويتجلّى ذلك في المشاكل الصحيّة وكثرة الأمراض السرطانية.
ويحمّل الخبير الزراعي عوض إبراهيم مسؤولي الزراعة والمواصفات مسؤوليّة تفشّي الأمراض، مُقرّاً بدخول مبيدات كيميائيّة محرّمة دوليّاً مثل "لانيت". ويؤكد أنّ ثمّة أراضي صنّفت من الدرجة الثالثة نتيجة الاستخدام الخاطئ للمبيدات، حتى أنّ 90 في المائة من الأراضي التي تستخدم فيها المبيدات أم السماد الكيميائي قضت على الكائنات الحيّة في التربة، وأصبحت التربة غير صالحة في حال لم تعالج.
رئيس اتحاد المزارعين كرم الله العوض تخوّف من دخول الأسمدة والمبيدات إلى المشاريع الزراعية المطريّة بهدف زيادة الإنتاج، مطالباً بوضع ضوابط لدخول هذه المركّبات إلى الأسواق، مشيراً إلى "إمكانيّة استخدامها من قبل جهات معادية لتحصيل نتائج عكسية، منها العمل على زيادة ورفع نسبة الإشعاع الذري"، داعياً الجهات المتخصّصة إلى وضع ضوابط صارمة لذلك.
ويؤكد الخبراء أنّ ثمّة ثلاثة أنواع من هذه المركّبات: مبيدات تستقرّ لفترة طويلة وتتحلّل ببطء في التربة كمركّبات الكلور الهيدروكربونيّة مثل "دي دي تي" المحرّم عالمياً، بالإضافة إلى مركّبات ألدرين وهبتاكلور وكلوردين ولندين وتوكسافين. أما مركّبات "ترايازين" و"فينيل يوريا"، فتستقرّ فترة أقلّ وتعدّ أقلّ خطراً من المجموعة السابقة على الحيوانات والطيور والكائنات المائية والنباتات. أمّا المجموعة الثالثة التي لا تستقر إلا لأيام أو أشهر، فهي مبيدات الأعشاب من مجموعة "فينيل كاربامات" وغيرها.
تهديد آخر للتربة يكمن في الاستخدام المفرط للزئبق المعروف بتأثيراته الضارة على التربة والإنسان، وبات يُستخدم في عمليات التعدين العشوائي في مناطق زراعية.
*متخصص في شؤون البيئة