يشكل "السور الأخضر العظيم" الذي توجه رئيس الجمهورية اليوم الأربعاء إلي انجامينا لحضور قمته، مشروعا إيكولوجيا عملاقا لصد التصحر ويستفيد من تمويلات معتبرة في إطار خطة العمل للشراكة الجديدة من أجل أفريقيا المعروفة اختصارا ب "نيباد".
وتعود فكرة هذا المشروع التي أقرها الاتحاد الإفريقي عام 2005 كجزء من جهوده الرامية إلى حماية البيئة في القارة، إلى الرئيس النيجيري السابق أو لو سيغون أوباسانجو الذي كانت فكرته في البداية تقضى ببناء "سور أخضر عظيم" يبدأ من موريتانيا في الغرب الإفريقي وينتهي في جيبوتي عند الشواطئ الشرقية للقارة.
وكان الاقتراح الذي تقدم به الخبراء الأفارقة آنذاك لرسم خط تشييد السور الأخضر يقضي بأن يمر عبر موريتانيا والسينغال وساحل العاج وبوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا والسودان وأثيوبيا و أريتيريا، وصولا إلي جيبوتي.
أما من حيث معايير تحديد المشروع، الذي يأتي في سياق إعادة التشجير وتدعيم التربة ومكافحة الفقر، فهي مبنية على أساس المعطيات المتعلقة بمستويات هطول الأمطار ونوعية التضاريس وطبيعة الغطاء النباتي المحلي في البلدان المذكورة.
وعلى رغم إقرار الخيار الأولي للمشروع، إلا أن تصميمه عرف فيما بعد تغييرات جوهرية في اجتماع للخبراء عقد في دكار بالسينغال في يوليو 2005.
ويشمل المشروع اعادة تشجير 15 مليون هكتار من الأراضي الجافة بعرض 15 كيلومتراً وطول 7000 كيلومتر. وبالاضافة الى الكلفة المالية الضخمة، المقدرة بأكثر من 5ر1 بليون دولار، يتوقع أن تواجه أعمال هذا السور العظيم العديد من العقبات الأخرى، مثل ندرة المياه، حيث لا يتجاوز متوسط التساقطات 400 مليمتر سنويا في المناطق المعنية باعادة التشجير، التي قد يستمر فيها موسم الجفاف عدة أشهر في بعض الأحيان.
ويؤكد العلماء الذين أشرفوا على صياغة المشروع، أن السكان القاطنين في المناطق التي سيمر فيها الجدار الأخضر بإمكانهم الاستفادة من النباتات والأشجار المثمرة. ويجوز لهم أيضا تطوير السياحة الايكولوجية واستعادة الأراضي الصالحة للزراعة التي فقدت مع التصحر.
ومن المتوقع أيضا بناء 80 بركة لحجز المياه وتجميعها ضمن كل بلد يمر به السور وكذلك إدخال الحيوانات البرية في الغابات التي سيتم استنباتها.
وفي العام 2008 كان من المقرر أن تقوم السينغال بزراعة الأشجار علي مساحة أخري تقدر ب 2000 هكتار.
وفي العام 2008، كان مقررا أن تقوم السينغال بزراعة الأشجار على مساحة أخرى تقدر ب2000 هكتار في منطقة "اللوكه". وهذه الأشجار المختارة بعناية، حسب قدرتها على التكيف مع معطيات الإقليم، زرعت على شكل كتل متواصلة، خلافا للمزارع القائمة التي جري تشجيرها سابقا بشكل متقطع.
ويجرى حاليا كذلك التحضير لإقامة وكالة تنفيذية لعموم افريقيا مكلفة بتنفيذ أشغال مشروع السور الأخضر الأفريقي العظيم، ومركزتها وتنسيقها حسب قواعد وضوابط موحدة كما أعلن مؤخرا المتحدث باسم الرئاسة السينغالية.
وستكون هذه الوكالة تابعة لمفوض الاتحاد الأفريقي المكلف بقضايا البيئة. كما سيتم في كل من البلدان المعنية إنشاء بنية ادارية محلية لتنفيذ الأشغال على مستوى ذلك البلد.
ونظرا للاهتمام الإفريقي المتزايد بهذا المشروع، الذي اتخذ على مدار السنوات الأخيرة مسارا تراكميا، تقدمت عدة بلدان افريقية أخرى تقع فوق مسار الجدار أو تحته، مثل ليبيريا وبنين وساحل العاج، بطلبات لدمجها في المشروع من خلال بناء ممرات مشجرة تكون متصلة بالجدار الأخضر الأفريقي، تتم إقامتها في أراضي كل من تلك البلدان، تماما على غرار "سور الصين العظيم" الذي ظل يمثل جزءا من التراث العالمي للبشرية.
و يأتي انطلاق هذا المشروع العملاق للمساهمة في وقف زحف الرمال ضمن معركة لا هوادة فيها و يبدو أن البدء في تنفيذ الأشغال في هذا المشروع بات وشيكا.
Source: AMI/PMD