في الوقت الذي تتطلع فيه دول وشعوب العالم إلى المنتدى السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة باعتباره فرصة للحكومات والمجتمع المدني للنهوض بجدول أعمال منظومة الأمم المتحدة بشأن التنمية المستدامة، فقد جاء انعقاد دورة المنتدى لهذا العام 2020 ، في خضم حالة من «عدم اليقين »، في ظل استمرار جائحة «كوفيد »-19 ، حيث جاء الحدث السنوى، لأول مرة، في شكل اجتماع افتراضي، ضم ممثلين من جميع الدول الأعضاء في المنظمة الأممية، ومجموعات المجتمع المدني
وعلى مدار 10 أيام، استعرض المنتدى، الذي بدأت فعالياته يوم 7 يوليو، واختتمت يوم 16 من نفس الشهر، استعرض المشاركون التقدم المحرز بشأن أهداف التنمية المستدامة، وتقييم التقدم المحرز نحو «مستقبل أكثر إنصافاً للناس والكوكب »، والتفاوض بشأن نهج متعدد الأطراف حول «إعادة البناء بشكل أفضل »، بالإضافة إلى بحث ومناقشة طرق معالجة بعض أكبر التحديات في العالم، بدايةً من الفقر، وصولاً إلى تغير المناخ، ومروراً بقضايا السلام والأمن والمساواة بين الجنسين ووفق ما جرى خلال الدورات السابقة، فقد أتاح المنتدى فرصة سنوية لمختلف دول العالم لاستعراض وتقييم خططها لتحقيق الأهداف ال 17 للتنمية المستدامة، ضمن «مراجعات وطنية طوعية »، كما قدمت العديد من هيئات الأمم المتحدة والهيئات الحكومية الدولية مساهمات في المناقشات، من ضمنها برنامج الأمم المتحدة للبيئة، الذي استعرض عدداً من القضايا الملحة، من خلال 5 أحداث جانبية، لاستكشاف تحويل الاقتصاد الى اقتصاد أكثر خضرة ومنصف ومرن للجميع ووسط تأكيدات وتحذيرات من أن «جائحة كورونا » ألقت بتداعيات شديدة الخطورة على مختلف القطاعات التنموية، الأمر الذي أثر بشكل كبير على الخطط والبرامج الوطنية للتنمية المستدامة، فقد شكل موضوع «إعادة البناء بشكل أفضل » أحد المحاور الرئيسية على جدول أعمال المنتدى، خاصةً وأن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، كان قد اعتبر أن عام 2020 يشكل بداية عقد من العمل والتنفيذ من أجل تحقيق الأهداف ال 17 للتنمية المستدامة وتضمن أحد تقريرين قدمهما الأمين العام، أن الأزمة العالمية الناتجة عن انتشار «كوفيد -19 »، كان لها تأثير كبير على تنفيذ هذه الأهداف، حيث أُجهدت الأنظمة الصحية، وأُغلقت الأعمال التجارية، وأصبح 1.6 مليار طالب خارج المدرسة، ومن المتوقع أن يعاني عشرات الملايين من الجوع والفقر، بينما سلط التقرير الثاني الضوء على أهمية الحد من عدم المساواة من خلال جعل الاقتصادات أكثر استدامة وعدالة، والالتزام بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على نحو سريع ومستدام وشاركت مصر، ممثلةً في وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الدكتورة هالة السعيد، في أولى جلسات المنتدى السياسي رفيع المستوى لهذا العام، تحت عنوان «إطلاق عقد العمل في وقت الأزمات.. استمرار التركيز على أهداف التنمية المستدامة أثناء مكافحة فيروس كوفيد-19 » ، بينما شاركت وزيرة البيئة، الدكتورة ياسمين فؤاد، في جلسة ثانية ضمن فعاليات المنتدى، بعنوان «تعددية الأطراف بعد جائحة كورونا: ما هي طبيعة الأمم المتحدة فى ذكرى مرور 75 عاماً على إنشائها؟ » وتحدثت «فؤاد »، في كلمتها بصفتها رئيساً لمؤتمر الأطراف ال 14 لاتفاقية التنوع البيولوجي، عن أن «جائحة كورونا تشكل نداءً للعالم بأننا نحتاج إلى الطبيعة، أكثر من احتياجها لنا »، وقالت إنه «في ظل مرور 75 عاماً على إنشاء الأمم المتحدة، يجب أن نلفت الأنظار إلى أن كوفيد – 19 أيقظنا جميعاً على ضرورة استعادة النظام البيئي »، وأن «صحة البشر نابعة من صحة كوكب الارض، ولا يمكن الفصل بينهم »، وشددت في هذا الإطار، على أهمية الربط بين قضايا تغير المناخ، وتدهور الأراضي، والتنوع البيولوجي، معتبرةً أن هذا الربط أصبح «ضرورة حتمية » وأضافت وزيرة البيئة أن هناك «فرصتين ذهبيتين » يجب اغتنامهما لتحقيق هذا الربط، من خلال «خارطة الطريق لما بعد 2020 للتنوع البيولوجي »، والتى يجري إعدادها الآن من خلال رئاسة مصر لمؤتمر التنوع البيولوجي، ووصفتها بأنها «فرصة جيدة » لدمج قضايا تغير المناخ والتصحر ضمن «خارطة الطريق »، أما الفرصة الثانية فتتمثل في «قمة الطبيعة »، التي من المقرر استضافتها في الأمم المتحدة خلال شهر سبتمبر القادم، وأكدت أنها «فرصة حقيقية للدعم السياسى رفيع المستوى » للتنوع البيولوجي وأكدت «فؤاد » أن مصر ملتزمة بإعداد «خارطة طريق شاملة ومتوازنة وعادلة »، بما يسهم في إحداث فارق كبير في طريقة إدارة الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، وأضافت أنه يجب النظر إلى أصحاب المصلحة خارج دوائر الأمم المتحدة، وهم القطاع الخاص، والقطاع المصرفي، والشباب نظراً لدورهم الهام والضروري في دعم القضايا البيئية، ودمجها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، للخروج بأجيال مستقبلية تعي تماماً أهمية الحفاظ على صحتهم، من خلال الحفاظ على صحة كوكب الأرض